جوجو عربي مميز
عدد المساهمات : 16 تاريخ التسجيل : 19/01/2010
| موضوع: قتل بدماء باردة الأحد فبراير 28, 2010 4:30 am | |
|
قتل بدماء باردة
, ..هي امرأة لم يتجاوز عقدها الرابع,جميلة الخلقة والخلق,هادئة الطبع,صافية الوجدان ..ترملت في عز شبابها وترك لها طفلة بعمر الزهور ذات الرابع ربيعا..قابلتها في احدى دور الرعاية ولم تكن طفلتها بيدها..غابت بسمتها كما تغيب الشمس في حلق السماء,دموع لا تفارق وجنتيها..وعيونها حمراء كالجمر في عزالاتقاد..أبكتني الآلام في محاجرها وبللت منديلي دموعها.ناديتها فأعرضت.. داومت زيارتها لعلي المس الجرح منها ..اشرب من لوعتها..اخفف عنها الثقل الذي هد ظهرها.. يوم عن يوم لمست الأمان معي ووصل دفء حضوري اليها..وامتزج وجودها بحياتي فحلت محل الصديقة الرفيقة,وارتوت وحدتها بظلي وصارت تبتسم لرؤيتي وتنتظر قدومي انتظار الأعشى ارتداد البصر.. جلوسي معها ينسيني همومي ويفتح بابا للسرور بيننا غير انها كانت دائمة الشرود والبكاء الحب الذي تربى بجوانحي تجاهها لم يمنع الفضول داخلي لينموا وينموا فيخنق دواخلي ..يا ترى ما سر كل تلك اللوعة والأسى؟؟ ما سر شرود العيون بالمحاجر.. في يوم جميل جلسنا تحت ظل شجرة البلوط وعلى غير عادتها آذنتني قصتها..ويا ليتها لم تفعل أشعلت بداخلي نيرانا أورى من الزند.. تنهدت وقالت:ثُكلت زوجي في عز شبابي وانطفأت شمس نهاري ورجعت إلى بيت أهلي بطفلة كانت سبب حياتي وأنسي ومحبط جزعي ومطفأة نيراني..حين تتكالب عليّ الحياة عيونها تصهر آلامي وبسمتها تنير أيامي وتبعث فيّ الروح كما النور يبلج صدر الظلام الحالك.. إستصعب أهلي قعودي وآثروا فراقي وبيدِ أول طالب أبي رماني وقبض من الرفد ما أعانه على إذلالي..فصرت بغير البيت الذي ألفت وفي حضن غير الذي غُصبت ودم قلبي لم يجف وصوته بأذني باقٍ وطيفه بالعين يحل.. أيام لم أستشعر حلاوتها حتى إنقلب البعل بغلا..بل كاسرا من الكواسر ..كشر عن أنيابه ..كان سكيراً عاطل ..يشبع جسدي النحيل ضربا أيما شاء ورغب..وإبنتي الغالية سطى سوط غضبه عليها فكنت أضمها لصدري حتى لا يصلها ظلم جباروته واستعلاؤه.. سكت وأخفيت ألمي بجوفي فليس لي بعد الله غيره..وأحيط إبنتي بحناني فالمسكينة لم تكن تعي من الأمر شئ.. ومرت الأيام وحل شتاءٌ ثقيل , قارس برده تلزمه الأمطار وتكسوه الثلوج وقطع البرد المتحجرة.. بيوم تأخر كعادته..كنت وإبنتي نائمتين إذا بي أسمع صوت أزيز الباب ..أغمضت عينيّ وضممت صغيرتي إلى صدري بقوة وتظاهرت بالنوم..صوت وقع اقدامه يملأ داخلي رعبا وصرت أدعوالله أن يعتقني تلك الليلة.سحبني من شعري ورائحة الثمالة تفوح منه ورمى بي عند باب الحجرة وصرخ فيّ مطالبا إياي باعداد الطعام..هرولت لأحضر له ما يسكته عني..ويبعد بطشه..رجعت ومن هول ما رأيت أسقطت الصينية..إنه هناك بجمب طاهرتي الصغيرة يتحسس جسدها الطاهر بيديه النجستين ويتحسس أماكن حساسة ..لم أعي ما فعلت ولكن ابنتي صارت بحضني وهو يرمقني بنظرات يتطاير منها الشرر..رجعت إلى الوراء وهو يقترب مني وصرت أبتعد ويقترب إلى ان لصقت بالجدار..أمسك وجهي وضغط عليه وأخذ يهددني ويهددني, إستيقضت صغيرتي وعلا صوتها بالبكاء والصراخ صرت أسكتها وأربت عليها وهي تبكي وتبكي والسكير يزداد غضبا وفجورا.. أسْكتي تلك الساقطة أسكيتيها.. حبيبتي أسكتي يا عيون ماما نامي..بكرى رح نشتري حلوى يلا نامي يا قلبي..نامي.. لا فائدة لم تكف هي عن البكاء ولم يكف السكير عن التأفف ,, فجأة إنتفض من مكانه وسحبها من يدي بقوة من حضني وهي تبكي وتصرخ ..ماما ماما.. جريت نحوها وأمسكت طرف ثوبه فدفعني المرة تلو الأخرى كنت أسقط وأعود لأمسكه..لوين آخذ البنت رجعلي بنتي..حرام عليك شو ذنبها هي.. قلتلك إخرسي.. ماما ماما إيدي بتوجعني..عمو عم توجع إيدي.. أنا هون يا عيوني لا تخافي أنا هون..حبيبة ماما لا تخافي.. وأمسكت بعصا كانت على الارض وحاولت ضربه بها فا نتزعها من يدي.. فتح الباب ورمى بنيتي الغيرة فلذة كبدي بالخارج..ورجع ليضربني بالعصا.. شو بدك تقتليني والله عال نسوان آخر زمن.. البرد قارس الثلج يكسوا الشوارع كان قلبه حجرا ..عجبا فالأحجار تتفجر منها الأنهار.. صرت أصرخ وأنادي وأضرب الباب بيديّ ورجليّ..وإبنتي وراء الباب تناديني ..ماما ماما أنا بردانه..أنا بردانة يا ماما.. بكاءها قطع أوصال قلبي..وعجزي أمام إنقاذها أشعل نيرانا بداخلي ..جريت نحوه وأخذت اتوسل إليه..أترجاه..قبلت يديه وقدميه.. أتدرين ماذا فعل؟؟ وسكتت فقد أخرست الغصة الكلمات بحلقها,أمسكت يديها وشددت عليهما بقوة..رمقتني بنظرة عجز واستكانة ولم تستغرب الدموع تتسابق للولوج من عيني..وتنهدت تنهيدة ولرب السماء سمعت صداها في عمق جوفها..واستطردت تقول:أمسكني من شعري لم تشفع توسلاتي ولا دموعي ولا حرقة قلبي ولا حتى بكاء طفلتي..كمم فمي وربط يديّ للكرسي وانصرف لينام أتصدقين ذهب لينام..وأنا روحي كانت تخرج من جوفي ودمي يفور ويغلي وأسمع صوت شخيره ومصير إبنتي عند الرحمان..صرت أتخبط تخبط الذبيح ولم يبقى لي سوى الدعاء فالدعاء رماح ليل لا تخطأ إنه ابتلاء نعم إبتلاء وما اصعبه من ابتلاء.. من وراء الباب كانت الطفلة تبكي حتى ذهب صوتهاوأحرقت الدموع وجنتاها,وتمكن البرد من اوصالها..وخدر جسدها النحيل.. أيقض حديثها كتلات العتب بداخلي وفجر بركانا كنت قد اخمدته من زمن.. وأردفت تقول:سهرت ذلك الليل وقد أكلت النار بداخلي كل ذرةخضراء وأسبغ حموم جمرها مساحاتي البيضاء واستقرت فكرة قتل ذلك الوغد برأسي..بزغ الفجر وأنا اتجرع التساؤلات والحيرة والإفتراضات تجرعاً حتى أتخمت نفسي وتقيئتها قطعا من الحشى وصورة ضعفي وقلة حبلتي قصمت ظهري.. لاح الامل حين رايته يفتح قيودي ويقدم اعتذارت واهية لا تسمن ولا تغني من جوع مرارتي والمي..لم انتبه اليه وهرولت إلى الباب أستشفي آخر قطرة أمل زرعتها في قلبي ولكن... سقطت من هول الصدمة..ماتت طفلتي وجدتها متجمدة جمد الدم بعروقهاوهي ملتصقة بالباب وقد جلست جلسة القرفصاء تضم جسدها بيديها ..صارت كتلة جليد..أتصدقين كانت هناك دمعة متجمدة على وجنتيها..ماتت طفلتي وهي تناديني ولم اسعفها..لم استطع منع الجورعنها..ماتت طفلتي وآخر ضحكة آخر بسمة لازالت تتردد على مسامعي..ماتت طفلتي وندائها وتوسلاتها لازالت تكسر ظهري ..ماتت طفلتي على مرآ مني.. كيف يعقل ان تموت طفلة بالرابعة من عمرها في العراء..أين الناس ايعقل ان الجميع ناموا أم أن الضمير نام..تحجرت القلوب وتجمدت وبكت وضممتها الى صدري وبكينا.. بكيتُ على زمن غاب فيه الأمان والحنان وغابت معالم الإنسانية . , , هي قصة لواحدة من المليون لربما افضع من قصتها..ولكن أين نحن من هؤلاء؟؟ يغزونا الكبر وتلعب بنا الحياة..ونظن ان آلامنا هي منتهى الظلم وأبلغ الهم..ولكن الحمد لله على نعمه التي لا نحصيها,, دمتم سالمين..
| |
|